تقع مدينة طولكرم في أقصى شمال غرب الضفة الغربية، وتبعد عن القدس 93 كم، وعن جنين 53 كم، و عن البحر 16 كم، ويمتد السهل الساحلي الفلسطيني أمام طولكرم التي ترتفع عن سطح البحر حوالي 55-125 مترا.
التسمية
وردت طولكرم في كتابات المقريزي وفي معجم البلدان لياقوت الحموي باسم "طولكرم" وتعني حرفياً "جبل الكرم"، وهذا ما تشتهر به مدينة طولكرم (الكروم)، وظلت طولكرم تعرف بهذا الاسم حتى القرن الثاني عشر الهجري (السابع عشر الميلادي)، ويعتقد أن كلمة طور قد حرفت إلى طول ودعيت باسم "طول كرم"، الاسم الذي ظلت تعرف به حتى يومنا هذا، ويعتقد ابن خلدون أن طولكرم هي أجنادين التي وقعت على أرضها معركة أجنادين المشهورة بين المسلمين والروم عام 637م.
النشأة
أقدم تاريخ للمدينة يعود إلى العصر الروماني، وبالتحديد إلى القرن الثالث الميلادي، وقد عرفت آنذاك باسم بيرات سوريقا ((Berat Soreqa وتعني "بئر كرم مختار". وتشير كثير من المصادر التاريخية إلى قدم المدينة، الذي يرجعه بعضها إلى زمن الكنعانيين، ويستدل على ذلك من خلال ما عثر عليه من آثار في القرى المجاورة لها مثل قرى: جت كرمل، مجدليون، جلجال وغيرهما من المدن والقرى التي لا زالت تحتفظ بأسمائها القديمة مع شيء من التحريف. كانت طولكرم قرية صغيرة مساحةً وسكاناً حتى الثلاثينات من هذا القرن، علماً بأن اتخاذها عاصمة لقضاء بني صعب عام 1892 من قبل العثمانيين قد أسهم في رفع شأنها وتطورها. كما ساعد مرور خط سكة الحديد المتجه إلى الساحل غربا ونحو الداخل وسوريا شرقا على نمو المدينة وتطورها، إلى أن حدثت حرب فلسطين عام 1948م، حيث صاحب ذلك هجرة قسرية لآلاف الفلسطينيين من القرى والمدن المجاورة، (خصوصا من ذلك الجزء من قضاء طولكرم الذي اغتصبه الصهاينة ) إلى مدينة طولكرم والاستقرار فيها، وقد أقام قسم منهم في مخيم نور شمس المجاور واستمرت المدينة في النمو السكاني والعمراني إلى أن احتلها الصهاينة عام 1967 م، إذ أدى ذلك إلى (هجرة) ربع سكانها إلى الضفة الشرقية، ومع ذلك استقبلت المدينة مهاجرين من قرى مجاورة لها.
نبذة تاريخية
لا يوجد تاريخ محدد لبدايات المدينة، إذ أن ما عثر عليه من آثار حتى الآن، يثبت أن المدينة كانت قائمة إبان حكم الرومان لبلاد الشام في القرن الثالث الميلادي، وتشير المصادر التاريخية الإسلامية إلى أن الكنعانيين كانوا يسكنون المدينة قبل ذلك التاريخ. ويستدل على ذلك من كتابات الفراعنة. وقد ورد اسم طولكرم في العهد المملوكي، ففي القرن الثالث عشر الميلادي أقطع الظاهر بيبرس سلطان المماليك طولكرم مناصفة لقائديه: القائد بدر الدين بيليك الخازندار، والأمير بدر الدين بيسري الشمسي الصالحي ظلّت طولكرم تتبع في إدارتها نابلس حتى نهاية القرن التاسع عشر، عندما أحدث العثمانيون قضاءً جديدًا في شمال فلسطين عرف باسم "قضاء بني صعب" وجعلوا طولكرم عاصمة له. وهو يتبع لواء نابلس الذي يضم إلى جانب قضاء طولكرم .قضاء نابلس وقضاء جنين وبالرغم من اتخاذها عاصمة للقضاء الجديد. فقد ظلت المدينة صغيرة في حجمها العمراني والسكاني. فلم يتجاوز عدد سكانها حتى الحرب العالمية الأولى ثلاثة آلاف نسمة، وكانت طولكرم مقراً لقيادة الجيش العثماني الثامن خلال الحرب العالمية الأولى. وهو أحد الجيوش العثمانية الثلاثة التي عهد إليها الدفاع عن فلسطين. وكانت مدينة قلقيلية تتبع قضاء طولكرم حتى عام 1965م، حيث أحدث قضاء جديد يحمل اسمها.
عظم شأن المدينة عندما جعلها العثمانيون عاصمة لقضاء بني صعب، فأخذ ينزح إليها الناس من نابلس والقرى المجاورة، وذلك حسب ما تدعو إليه مصالحهم وأعمالهم ومما زاد في أهميتها التجارية إنشاء سوق يوم السبت، حيث يجتمع فيه القرويون لبيع منتجاتهم وشراء حاجياتهم فازداد عدد سكانها وكثرت مخازنها، وارتفعت أجور مساكنها، ما شجع البعض على إقامة الأبنية الجديدة لاستثمارها، وبدأت تدب فيها الحركة العمرانية فبنيت بيوتها من الحجر الأبيض وسقف بعضها بالقرميد، وزودت بالمياه والكهرباء، وشيد فيها العديد من المدارس والمنشآت العامة وعند قيام البريطانيين بهجومهم على الساحل الفلسطيني سقطت طولكرم بأيدي القوات البريطانية في العشرين من أيلول عام 1918م. وازداد عدد سكان المدينة خلال فترة الاحتلال البريطاني لفلسطين، حيث ارتفع عدد سكانها من (3349) نسمة عام 1922م إلى (5368) نسمة يسكنون 960 بيتا عام 1931، والى (8090) نسمة عام 1945م. ويعود السبب في هذا التزايد السكاني إلى الزيادة الطبيعية للسكان والى الهجرة إلى المدينة من القرى المجاورة، بسبب توفر فرص العمل والخدمات المختلفة كالماء والتعليم تأثرت مدينة طولكرم باغتصاب فلسطين عام 1948م بدرجة واضحة. فرغم سلامة المدينة من براثن الاحتلال، إلا أنها خسرت مساحات كبيرة من أراضيها وأراضي القرى التابعة لقضائها. نتيجة لسيطرة قوات الاحتلال على القسم الغربي من قضاء طولكرم، والذي تضمن (34) قرية وخربة و(16) مضربا لبعض عشائر البدو. وتعتبر الفترة من 1945 إلى 1967 فترة نمو وتوسع في رقعة المدينة المساحية وحجمها السكاني، وبلغ عدد السكان (20688) نسمة عام 1961م. وظلت المدينة خلال تلك الفترة مركزاً لقضاء (لواء) طولكرم، يتبع لها إداريا (42) قرية وبلغ عدد سكان مدينة طولكرم (129030) نسمة حسب إحصاء 1997، يشكلون(7.13%) من إجمالي سكان الضفة الغربية، و(4.6%) من إجمالي فلسطين، منهم (65224) ذكور و(63806) إناث، موزعين إلى ثلاثة تجمعات سكانية الحضر(59679) نسمة، الريف (53380) نسمة، المخيمات (15971) نسمة وتضم المدينة حاليا 42 تجمعا سكانيا، منها 9 تجمعات حضرية ومخيمين والباقي تجمعات سكانية ريفية.
أبرز المواقع السياحية والأثرية
خربة ارتاح:
تحوي " خربة ارتاح " على معصرة للعنب في وسط الخربة، وهذه المعصرة مبنية من الحجارة ومرصوفة بالفسيفساء البيضاء كما أن المعصرة تحيطها ساحة فسيفسائية من جميع الجهات وبالقرب منها مجموعة من الآبار والمغر . وتدل آثار القطع الفخارية الموجودة في خربة ارتاح إلى تعاقب الحضارات التالية : فخار برونزي جنوب الخربة بالقرب من الوادي المعروف بوادي التين، الفخار الروماني، الفخار الإسلامي خاصة الأموي والمملوكي الفاطمي.
مقام بنات النبي يعقوب:
يقع في قرية ارتاح، الطابق السفلي منه عبارة عن مبنى روماني والطابق العلوي فيه مبنى إسلامي يتكون من غرفتين ذات قبتين وساحة على غرار مخطط المباني الإسلامية.
خربة نصف جبيل:
تقع في الجنوب الشرقي من فرعون تعرف باسم خربة نصف جبيل، منحها الظاهر بيبرس عام 1265 م مناصفة بين قائدين من قواده .
قرية كور:
شيد معظم بيوتها القائد الظاهر بيبرس، في العهد المملوكي وأقام بها معسكرا أثناء حملته لتحرير القدس من الصليبيين، واستقر فيها أعواما، ومباني القرية كبيرة تتوسطها قلعة وبقايا مسجد ومبان تعود إلى العهدين المملوكي والعثماني كلها أثرية يبلغ امتداد بعضها مائة متر طولاً وخمسين مترا عرضا، يوجد بها مقابر منحوتة في الصخر، وتوجد مقاطع صخرية تعود لتلك الفترات إضافة إلى مقاطع عبارة عن مصاطب لم يكشف النقاب عنها وتعلوها الأتربة.
قرية شوفة:
. تقع قرية شوفة في الجنوب الشرقي من طولكرم، تحتوي على مباني تعود إلى الفترة الرومانية والبيزنطية، فيها "خربة سمارة" التي تدل آثارها على أنها كانت ثكنة عسكرية للجيش الروماني في الفترة الرومانية في فلسطين، كما ويحيط بالقرب من قرية شوفة لا سيما في الجهتين الجنوبية والغربية مجموعة من الأبراج الرومانية، التي كانت تستخدم للمرابطة وتقديم الخدمات في الطرق الرئيسية التي يستعملها الرومان في غاياتهم المختلفة، وهذا يدل على أن شوفة كانت تقع بمحاذاة طريق روماني هام في تلك الفترة. ويوجد في القرية مسجد أثري على الطرف الغربي و قلعة البرقاوي، خربة النصارى، أو خلة الكنيسة، أو تل الشومر، بئر العدس وخربة دير ابان .
خربة البرح (برح العطعوط):
تحتوي على بقايا برج وعقود وآثار أساسات وصهاريج وبركة ماء أقيم في ظاهرها الغربي مستعمرة (كفار يونا).
خربة أم صور:
تحتوي على بقايا سور وأبنية وأعمدة وصهاريج وخزان.