City-Alquds (57)
قرية العيزرية
التسمية: يعود سبب تسمية القرية بهذا الاسم نسبة إلى النبي عزير، وورد ذكر القرية في التوراة والإنجيل.
الموقع: إلى الشرق من مدينة القدس على بعد 2 كم.
المساحة: تبلغ مساحة أراضيها (11179) دونماً.
سنة الاحتلال: 1967م.
القرى المحيطة بها: أبو ديس، الطور، الخان الأحمر، سلوان.
أهم ما يميز القرية: تضم العديد من الأماكن الدينية سواء الإسلامية أو المسيحية، وتحتوي على بقايا برج ودير ومدافن وأساسات وفيها خربة المرصص.
قرية دير الهوا
الموقع: تقع جنوب غرب القدس، وتبعد عنها 17 كم.
المساحة: (5907) دونماً.
القرى المحيطة بها: دير الشيخ، وبيت عطاب، ودير آبان.
أهم ما يميزها: تشتهر بزراعة الزيتون والتين واللوز والتفاحيات، وتعتمد على مياه الأمطار في الزراعة.
العائلات التي سكنتها:إبداح، داغر، صالح، عثمان.
سلوان:(القرية الأكثر التصاقا بأسوار القدس)
الموقع: بالقرب من سور القدس من الجهة الجنوبية بحوالي بضعة أمتار.
المساحة: تبلغ مساحة أراضيها (5421 دونماً).
القرى المحيطة بها: القدس، الطور، العيزرية، عرب السواحرة.
سنة الاحتلال: 1967م.
أهم ما يميز القرية: فيها عين ماء مشهورة (عين سلوان) كانت مصدر مياه البلدة القديمة في القدس.
أشهر العائلات: الروايضة، الصيامية، المحاريق، السراحين، الذيابية، القراعين، سمرين.
قرية عرتوف
الموقع: إلى الغرب من مدينة القدس، وتبعد عنها 29 كم.
المساحة: تبلغ مساحة أراضيها (403 دونمات).
القرى المحيطة بها: صرعة، إشوع.
أهم ما يميز القرية: تحتوي على أساسات ومدافن ومعاصر وصخور منحوتة، وتكثر حولها الخرب مثل خربة الشيخ ابراهيم وخربة الرماتة.
سنة الاحتلال: 1948م.
المستعمرات المقامة عليها: هرتوف في الشمال الشرقي.
أشهر العائلات: أبو حليمة ، الجمال ، الرّحال.
قرية الطور
التسمية: يقال أنها أخذت اسمها من الجبل الذي تقع عليه.
الموقع: إلى الشرق من مدينة القدس.
القرى المحيطة بها: العيسوية، العيزرية، سلوان، الخان الأحمر.
المساحة: تبلغ مساحة أراضيها (8808 دونماً).
أهم ما يميز القرية: تضم العديد من المقامات والأديرة والكنائس.
قرية صور باهر
التسمية: سماها الصليبيون باسم (صربل).
الموقع: إلى الجنوب الشرقي من مدينة القدس بأقل من 6 كم
المساحة: تبلغ مساحة أرضها 9471 دونماً.
سنة الاحتلال: 1967م.
القرى المحيطة بها: عرب السواحرة، سلوان، بيت صفافا، بيت ساحور.
اسم المستعمرات المقامة حول القرية: القرية محاطة من ثلاث جهات بمستعمرات صهيونية هي (أرمون تسيف ) في الشمال و(رامات راحيل)و(أرنونا) في الغرب و(هارم حوفا) في الجنوب والجدار العازل من الشرق.
قرية بيت إكسا
الموقع: إلى الشمال الغربي من مدينة القدس بحوالي 9 كم.
سنة الاحتلال: 1948م.
القرى المحيطة بها: بيت حنينا، النبي صموئيل، بيت سوريك.
أهم ما يميز القرية: فيها مسجد الشيخ تميم وهو المسجد الوحيد في القرية، وعدد من الخرب هي خربة البرج وخربة اللوز وخربة سمري وخربة العلامنة بالإضافة إلى أشجار البلوط المعمر.
اسم المستعمرات المقامة عليها: (عطروت) أنشئت عام 1970م ( راموت) أنشئت عام 1973م.
أشهر العائلات: أبو صافية، الجربوعة، الكسواني، آل زايد.
قرية أشوع
الموقع: تقع غرب مدينة القدس، وتبعد عنها 21 كم.
التسمية: نسبة لوجود مقام النبي يشوع فيها.
المساحة: تبلغ مساحة أراضيها (5522) دونماً.
القرى المحيطة بها: عسلين، بيت محسير، كسلا، صرعة.
أهم ما يميزها: تعد القرية ذات موقع أثري، تشتهر بزراعة الزيتون والعنب والحبوب.
سنة الاحتلال: 1948م.
المستعمرات المقامة عليها: مستعمرة (اشتاؤول).
قرية أبو ديس
الموقع: تقع شرق القدس، وتبعد عنها 4 كم.
المساحة: تبلغ مساحة أراضيها (30000) دونماً.
القرى المحيطة بها: الطور، العيزرية، سلوان، صور باهر.
أهم ما يميزها: تقوم القرية على عشرة خرب وهي: أبو سعد، أم الجمال، الخرايب، أبو الثيران، أبو حويلان، أم عبيد، أبو الصوان، المرصص، الرغابني، الزعرورة، بها "مسجد صلاح الدين" وهو مبني على المكان الذي عسكر ونام وجلس فيه الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي.
المستعمرات المقامة عليها: مستعمرة (معاليه أدوميم).
أشهر عائلاتها: خنافسة وتضم: البَو، صلاح، قُريع، عَواد، قاسم، دندَن، الشيخ علي، مُحسن، أبوفسِيسية، عليان، الحج حسن، النوافلة، حدِيدون.
قرية بيت حنينا
الموقع: تقع شمال القدس، وتبعد عنها 8 كم.
المساحة: تبلغ مساحة أراضيها (16284) دونماً.
القرى المحيطة بها: حزما النبي يعقوب، شعفاط، ولفتا، والرام.
أهم ما يميزها: تعد أكبر قرية في القدس من ناحية المساحة، ويوجد فيها العديد من المؤسسات والمراكز التربويّة، وبها جامعة القدس، وبها 3 كنائس ودير بالإضافة إلى مستشفى الدجاني للولادة الذي أغلق عام 2014، من المباني التاريخية فيها يقبع قصر الملك حُسين الذي يقع على تل الفول، والذي باشرت المملكة الأردنيّة بناءه قُبيل حرب الأيّام الستة، ومازال المبنى قيد البناء، ولم يتم إنجاز العمل.
More...
الفضائل
فضل الله سبحانه وتعالى من الأرض بقاعاً احتضنها بتشريفه وتعظيمه، وجعلها مواطن للعبادة والطاعة، تضاعف فيها الحسنات وتنمو بها الأجور. وقد أخبرنا الله تبارك وتعالى من خلال القرآن الكريم والسنة المطهرة بأن أفضل هذه البقاع هي مكة المكرمة، والمدينة المنورة، وبيت المقدس . فكما ارتبطت الأولى بكونها بلد الرسول صلى الله عليه وسلم ومهبط وحيه، وقبلة المسلمين، وبها الكعبة المشرفة، وارتبطت الثانية بكونها مأوى الرسول صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة، وبها قبره ومسجده، فإن بيت المقدس ارتبطت بالعقيدة الإسلامية من خلال معجزة الإسراء والمعراج حيث خصّها الله بالبركة. والبركة في لغة العرب تعنى النمو والزيادة في الخير، وفي الشرع ((ثبوت الخير الإلهي في الشيء)) . ومن ذلك، قوله تعالى {سبحان الذي أسرى بعيده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير} ، وقوله تعالى {ونجيناه ولوطاً إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين} .
1- البركة المعنوية:
وهي جانب مهم من جوانب البركة التي اختص الله بها أرض بيت المقدس. ومنشأ هذه البركة يرجع إلى عدة أمور هي:
أن هذه الأرض مبعث الأنبياء ومهبط الملائكة، وهي مدفن الرسل والأنبياء والأرض التي يبعثون منها، وهي أيضاً أرض المحشر والمنشر والحساب ووضع الموازين للناس. فبالنسبة للأمر الأول، شهدت أرض فلسطين عامة وبيت المقدس خاصة نزول الوحي السماوي على كثير من الأنبياء كداود وسليمان وإبراهيم ولوط وموسى .
ولم يقتصر نزول الملائكة على هذه الأرض على الإيحاء بالتعاليم السماوية للأنبياء، وإنما تحظى ذلك بنزول دائم للملائكة كما ورد في الحديث الذي رواه زيد بن ثابت رضي الله عنه بأنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ((يا طوبى للشام يا طوبى للشام)) فقال الصحابة رضوان الله عليهم، يا رسول الله وبم ذلك؟ قال ((تلك ملائكة الله باسطة أجنحتها على الشام)). أي أن الملائكة تحفها وتحوطها بإنزال البركات ودفع المهالك والمؤذيات .
وبالنسبة للأمر الثاني، كثرة ما دفن فيها من الأنبياء والصالحين، فقد جمع الله سبحانه وتعالى الأنبياء لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ليصلي بهم إماماً في المسجد الأقصى. فقد روي ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل المسجد الأقصى قام يصلي فالتفت فإذا النبيون أجمعون يصلون معه. وقال ابن كثير في تفسيره ((بيت المقدس الذي بإيلياء معدن الأنبياء من لدن إبراهيم الخليل عليه السلام، ولهذا جمعوا له هناك كلهم فأمهم في محلتهم ودارهم فدل على أنه الإمام الأعظم والرئيس المقدم)) .
وأما بالنسبة لكونها أرض المحشر والمنشر والحساب، فقد روى الإمام أحمد بن حنبل – بمسنده – عن ميمونة بنت سعد مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: يا نبي الله أفتنا في بيت المقدس، فقال ((أرض المحشر والمنشر))، فبعد أن يخرج الناس من قبورهم يوم القيامة يساقون إلى بيت المقدس لينتظروا فصل القضاء بينهم .
ويترتب على كون أرض فلسطين وبيت المقدس أرض مباركة عدة آثار منها: أنها عقر دار الإسلام في وقت اشتداد المحن والفتن، ويظل هذا الأثر ملازماً لهذه الأرض ما دامت تتصف بالبركة الإلهية، وهي لا تنقطع ما دامت السماوات والأرض. وقد نبه النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنين إلى ذلك في عدة أحاديث صحيحة، ومنها ما رواه عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما حيث قال ((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني عمود الكتاب انتزع من تحت وسادتي، فنظرت فإذا هو نور ساطع عمد به إلى الشام، ألا إن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام)) .
وعن آثار بركة أرض فلسطين أن المقيم المحتسب فيها يعتبر مجاهداً في سبيل الله ومرابطاً، لأن هذه الأرض عرضة للغزو في كل وقت لمكانتها وشرفها فهي محل أطماع الغزاة، ولهذا كان قدر أهل الشام وفلسطين أنهم مرابطون إلى يوم القيامة، حيث روى الطبراني عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال ((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أهل الشام وأزواجهم وذرياتهم وعبيدهم وإماؤهم إلى منتهى الجزيرة مرابطون في سبيل الله، فمن احتل منها مدينة من المدائن فهو في رباط، ومن احتل منها ثغراً من الثغور فهو في جهاد)) .
وأخيراً، إن أهل بيت المقدس وفلسطين منصورون بإذن الله ما داموا على الحق المبين، ينتقم الله بهم من أعداء الدين. فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن أبي أمامة مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لعدوهم قاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك. قيل يا رسول الله أي هم؟ قال: ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس)) .
وروى الطبراني عن خريم بن فاتك الأسدي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ((أهل الشام سوط الله في أرض ينتقم بهم ممن يشاء من عباده، وحرام على منافقيهم أن يظهروا على مؤمنيهم ولا يموتوا إلا هماً وغماً))
2- البركة الحسية:
وإلى جانب البركة المعنوية، هناك البركة الحسية ومن مظاهرها: الموقع المتوسط، فهي قلب الوطن الإسلامي، وبوابة القادمين من آسيا في طريقهم إلى إفريقية وبالعكس .
وهي فضلاً عن ذلك، ذات موقع وسط بين بلدان العالم القديم على المستويين الحضاري والعسكري، وربما كان هذا أحد الأسباب الرئيسية لاختيارها مبعثاً لعديد من الأنبياء، ومستقراً للرسالات السماوية، ومنطلقاً للجيوش الغازية والفاتحة لما حولها من البلاد. فقد مر بها الإسكندر المقدوني عندما غزا مصر، واتخذها عمرو بن العاص قاعدة لانطلاق الجيوش الإسلامية لفتح مصر. وقد كانت موانئ فلسطين قواعد لسفن المسلمين المتجهة لفتح جزر البحر الأبيض المتوسط. ومن مظاهر البركة الحسية لأرض فلسطين، النشاط الزراعي الكثيف الذي تمخض عن وفرة في البحار والعيون والأنهار. فالقدس تعد من أخصب بلدان فلسطين، تحيط بها بساتين وكروم ومزارع وأشجار فاكهة وزيتون. وتنتشر حولها قرى كثيرة الزروع والأشجار. وفضلاً عن زراعة الأتراج، واللوز، والجوز، ازدهرت زراعة التين والموز والسماق. ويعد الزيتون من أكثر مزروعات القدس وفرة حيث يستخرج منه الزيت، ويحفظ في الآبار والأحواض ليصدر إلى عدد من بلاد العالم. وفي الجملة، فإن سائر جبال فلسطين وسهولها ملأئ بالزيتون والتين وسائر الفواكه .
ويرجع سبب هذه الكثرة في الأشجار الثمار إلى وفرة المياه. ففلسطين تقع على البحر المتوسط، وفيها البحر الميت وبحيرة طبريا، وهي بحيرة مشهورة على جانب شواطئها تتفجر ينابيع شديدة الحرارة، وماءها ملحي كبريتي يتخذ علاجاً طبيعياً لترهل البدن والجرب وغير ذلك، وفيها العيون والجداول والأنهار كعيون عسقلان وأريحا وبيسان والخليل وقيسارية وسلوان، بالإضافة إلى كمية الأمطار الكبيرة التي تسقط على أرض فلسطين في فصل الشتاء .
3- القدسية:
لقد نص الله تعالى على قدسية هذه الأرض في كتابه الكريم، فقال على لسان موسى عليه السلام {يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين} ، والمقدسة في الآية بمعنى المطهرة، ويقال للسطل الذي يتطهر به قدس، ومن هنا جاءت تسمية بيت المقدس. وترجع قدسية أرض فلسطين إلى كونها أرض المسجد الأقصى والصخرة المشرفة، وهما موجودان قبل بعثة سيدنا موسى وعيسى عليهما السلام، أي قبل بناء هيكل اليهود، وكنيسة المهد الموجودة في بيت لحم وكنيسة النصارى الموجودة في القدس والمعروفة بكنيسة القيامة .
ويترتب على كون أرض بيت المقدس طاهرة أنها لا تقبل شركاً ولا عدواناً ولا ظلماً ولا علواً في الأرض، ولا يدخلها الدجال في آخر الزمان. ففيما يتعلق بالأولى، كان من أثر قدسية هذه الأرض خلو بيتها المشرف من الأصنام والأوثان في غالبية العصور، وهي لا تتحمل الظلم والعدوان، ولم تمكن للأمم العاتية من العيش فيها ولا الاستقرار عليها، وقد سجل التاريخ الهزائم والنكبات التي حلت بالدول التي تعاقبت على الأرض المقدسة عند تماديها في الظلم والعدوان. وكانت هذه الحقيقة واضحة وجلية، إذ تعرض اليهود لعدة غزوات من الفرس والروم بسبب عودتهم إلى الفساد والعلو في الأرض. كما تعرض الفرس الذين حكموا فلسطين وبيت المقدس في القرن الأول قبل الميلاد إلى أشنع هزيمة على يد الرومان. وأصبحت هذه الحقيقة سنة ماضية في الأمم والدول إلى يوم القيامة، فلما تفرق المسلمون وانقسموا إلى دولتين، سلط الله عليهم الصليبيين، ولما طغى الصليبيون وبغوا في الأرض سلط الله عليهم القائد صلاح الدين الأيوبي وحرر المسجد الأقصى من قبضتهم. ولم يتحقق هذا الانتصار إلا بعد أن وحد صلاح الدين الصف الإسلامي وطهر تصورات المسلمين ومعتقداتهم مما علق بها من مفاهيم خاطئة، وشعارات زائفة، وقناعات منحرفة .
ومن آثار قدسية بيت المقدس أن الدجال – كما أسماه الرسول صلى الله عليه وسلم – لكثرة تدجيله وكذبه وادعائه الألوهية يظهر على كل الأرض ما عدا الكعبة ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم والمسجد الأقصى ومسجد الطور .
فقد روى أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفة عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكر الدجال فقال ((وإنه سيظهر على الأرض كلها إلا الحرم وبيت المقدس وأنه يحصر المؤمنين في بيت المقدس، فيهزمه الله وجنوده حتى أن جذم – أصل – الحائط وأصل الشجرة ينادي يا مؤمن هذا كافر يستتر بي تعال فاقتله)) .
العصور التاريخية
هاجر الكنعانيون بسبب الجفاف والقحط من الجزيرة العربية باتجاه بلاد الشام في الألف الرابع قبل الميلاد، وأقام الكنعانيون داخل بلاد الشام وجنوبها الشرقي (شرقي الأردن) إضافة إلى جنوب فلسطين وساحلها وجنوبها الغربي. وعرفت المنطقة التي نزلت بها القبائل الكنعانية باسم (أرض كنعان)، وشملت الشريط الساحلي الممتد من صيدا وحتى غزة، ومن الساحل الغربي إلى البحر الميت شرقاً، ومن بحيرة طبريا شمالاً إلى بئر السبع جنوباً.
وكان الكنعانيون ينقسمون إلى قبائل متعددة، اتخذت كل واحدة منها مكاناً خاصاً نزلت فيه، دون أن تتمكن من إقامة دولة موحدة، إلا أنها كانت على جانب كبير من الحضارة والمدنية. وتبرز الدراسات التاريخية، بأن قبيلة (يبوس) تعد أول من سكن مدينة القدس وما حولها، وكان ذلك سنة (2500) قبل الميلاد .
وعلى الرغم أن الكنعانيين عبدوا عدة آلهة في الإطار العام، إلا أن الدلائل تؤكد على أنهم اعتقدوا بالتوحيد ومارسوا هذه العقيدة. فقد أشارت روايات التوراة إلى أن ملكي صادق، الملك العربي اليبوسي الذي حكم مملكة (شاليم – ساليم) وكان صديقاً لخليل الله إبراهيم عليه السلام اعتقد هو وجماعته بالله الواحد العلي مالك السماوات والأرض، واتخذ من بقعة الحرم القدسي الشريف معبداً له، وقدم ذبائحه على موضع الصخرة المشرفة، وقد مجدته التوراة، كما مجده الإنجيل باعتبار أنه أول من قدس الحرم الشريف ووصفاه بأنه (كاهن الله العلي) .
وتدل الدراسات التاريخية والأثرية أن الكنعانيين لم ينقطع نسلهم في فلسطين مع كثرة الأجناس التي تعاقبت على السكن فيها، فقط ظلوا فيها حاكمين ومحكومين يشكلون سواد السكان بعد اندماجهم مع المسلمين وإن كان اسمهم قد غاب في التاريخ .
1- العصر الفرعوني:
حكم الفراعنة المصريون القدس في مطلع القرن السادس عشر قبل الميلاد، واستمرت فترة النفوذ المصري نحو مائتين سنة، فقد تعرضت المدينة إلى غارات البدو (الخابيرو)، مما اضطر الوالي المصري عبدي خيبا أن يستنجد بأخناتون، غير أن الأخير لم يتمكن من مساعدته. ولم يعد الحاكم المصري للقدس إلا في زمن سيتي الأول (1317-1301) قبل الميلاد ، ويستدل من إحدى الرسائل التي أرسلها عبد خيبا إلى سيده اخناتون أن سكان المدينة قد اضطروا إلى مغادرتها والهرب إلى الجبال وبعضهم قد التجأ إلى مصر، حيث جاء في الرسالة ((وأخذ الفلسطينيون يهاجرون رعباً من فظائع بدو الخابيري، فتركوا بلادهم واعتصموا بالجبال)) .
2- العصر اليهودي:
هاجم اليهود فلسطين في القرن الثاني عشر قبل الميلاد، وفي عام 977 أو 1000 ق.م تمكن داود عليه السلام من الاستيلاء على المدينة وسماها باسمه، وبنى فيها قصراً وحصوناً. وخلف سليمان عليه السلام الذي ولد ونشأ في القدس والده وحكم القدس أربعين سنة، بنى خلالها الهيكل في المكان الذي كان يتعبد فيه ملكي صادق. وكان هذا المعبد لجميع اليهود ثم أصبح بعد وفاة سليمان عليه السلام معبداً لأقلية من اليهود حيث انقسمت الدولة في عهد رحبعام بن سليمان واختفى اسم (مدينة داود) ليحل محله اسم (أورشليم) تجريفاً لاسمها العربي الكنعاني. وخلال 337 سنة، وهي فترة حكم اليهود، حكم عشرون ملكاً، مات أكثرهم من نصفهم قتلاً بأيدي قومهم. وقد أصاب القدس في ظل الحكم اليهودي الكثير من الأهوال، فقد استولى عليها الأعداء مراراً، وسلبوا أموالها وعمت الفوضى الدينية والفساد وشاعت العبادة الوثنية بين سكانها وأكثرهم من اليبوسيين والكنعانيين والعموريين .
3- العصر الفارسي:
وفي زمن صدقيا بن يوشيا، وهو آخر ملوك اليهود على القدس (597-586) ق.م، أرسل نبوخذ نصر (بختنصر) جيشه وحاصر المدينة ثم احتلها ونقل سكانها من اليهود أسرى إلى بابل بالعراق، ومن بينهم الملك وأحرق الهيكل، وخرب المدينة وجعلها أكواماً من الأنقاض. وبعد أن استولى الفرس على سورية وفلسطين، سمح الملك قورش سنة 538 ق.م لمن أراد من الأسرى اليهود بالعودة إلى القدس. وبتأثير زوجته التي يتصل نسبها بملوك اليهود، بنى قورش – رغم مقاومة سكان جنوب فلسطين وأوساط الشام – هيكلاً جديداً أسماه هيكل قورش. وظل هذا الهيكل قائماً من سنة 515 ق.م وحتى سنة 20 ق.م حين بدأ هيرودوس الكبير في بناء هيكلاً جديداً .
4- العصر اليوناني:
استولى الاسكندر المقدوني على القدس سنة 332 ق.م، فاستقبله سكانها من اليهود بالترحاب متناسين فضل الفرس عليهم، وبعد وفاة الاسكندر، تأرجحت السيطرة على المدينة في عهد خلفائه، فخضعت أولاً للبطالمة في مصر ثم انتقلت سنة 198ق.م إلى حكم السلوقيين في سورية. وقد تأثر السكان في هذا العهد الهلينستي بالحضارة الإغريقية، وقام الملك السلوقي انطيوخوس الرابع بتدمير الهيكل سنة 165 ق.م وأرغم اليهود على اعتناق الوثنية اليونانية. وكان من نتيجة ذلك أن اندلعت ثورة المكابيين، ونجح اليهود في إحداث قلاقل وفتن وحروب دامية، وحصلوا على نوع من الحكم الذاتي تحت حكم الحاسمونيين من سنة 135 وحتى سنة 76 ق.م .
5- العصر الروماني:
بعد فترة من الفوضى، استولى القائد الروماني بومبي على القس سنة 63 ق.م فأصبحت المدينة تتبع الإمبراطورية الرومانية، ولكن في عام 40 ق.م استولى الفرس على القدس مرة أخرى ثم لم يلبث الرومان أن استردوها بعد عامين، وعينوا هيرودوس الأرومي ملكاً عليها، فجدد بناء الهيكل إرضاءً لليهود الذين سمح لهم بشيء من الحكم الذاتي .
ورغم الامتيازات التي خص الرومان السكان اليهود بها عن غيرهم، إلا أن القدس نظموا عصياناً وقاموا بإحداث شغب مما اضطر تيطس إلى دخول القدس سنة 70 ميلادية لتأديبهم، فأحرق المدينة بعد نهبها حتى أصبحت قاعاً صفصفاً وبيع كثير من الأسرى اليهود في سوق العبيد. ورغم قضاء الإمبراطور الروماني المبرم على القدس، إلا أن سكانها من اليهود عادوا إلى التمرد في عامي 115 و 132 ميلادية، وتمكنوا في المرتين من السيطرة على المدينة. فما كان من الإمبراطور هدريان إلا أن أخمد هذا التمرد بعد تدمير المدينة 135 ميلادية وحرث أرضها وتشتيت أهلها ما بين قتيل وأسير. ولم يسمح هدريان إلا للمسيحيين فقط بالإقامة في القدس، شريطة ألا يكونوا من أصل يهودي. كما أمر الإمبراطور بألا يسكن (إيليا) أي من اليهود الذي شتتهم في أنحاء العالم. وبذلك يكون الرومان قد دمروا القدس مرتين، انقطع إثرهما تواجد اليهود فيها لمدة ألف سنة، فلم يسكنوها، وإن الإمبراطور قسطنطين قد سمح لهم فيما بعد بدخول المدينة زائرين مرة واحدة في السنة، وخلال القرون الخمسة التي تلت التدمير الثاني للمدينة استعان الرومان بنحو خمسين يهودياً للخدمة والأعمال الدنيا .
ولما انقسم الرومان عام 395 ميلادية إلى قسمين متناحرين، ضعفت مملكة القدس، فهاجمها الفرس واحتلوها عام 614 ميلادية بمساعدة خمسة وعشرون ألف يهودي. وكان لليهود دوراً بارزاً في الفتن والنهب والدمار والحرق الذي أصاب كنيسة القيامة والأديرة والكنائس حيث قدر عدد القتلى من المسيحيين بأكثر من ستين ألفاً. ولكن هذا الوضع لم يستمر طويلاً، إذ انتصر هرقل على الفرس عام 627 ميلادية، واسترد الصليب منهم وأعاد القدس إلى الحكم الروماني مرة أخرى .
6- العصر الإسلامي الأول:
بعد قتال دام أربعة أشهر كاملة، طلب البطريرك صفرونيوس من قائد جيوش المسلمين – أبو عبيدة بن الجراح – أن يستدعي الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليسلمه شخصياً مدينة القدس. ودخل عمر بن الخطاب عن طريق جبل المكبر في أيار من سنة 636ميلادية حيث كتب للنصارى وثيقة منحتهم الحرية الدينية في القدس مقابل الجزية بناء على طلبهم. وبناءاً على تلك الوثيقة التي عرفت باسم (العهدة العمرية) بقي النصارى على حالهم في ظل مختلف حقب الحكم الإسلامي، محتفظين بكنائسهم وبحرية أداء شعائرهم ومعتقداتهم .
ومع عمر بن الخطاب وبعده، وفَدَ إلى القدس عدد كبير من الصحابة والتابعين، وأقبل المسلمون عليها من كل ناحية، فمنهم من جاء مع الفتح ومن جاءها بقصد الإقامة، ومنهم من جاءها بقصد الزيارة والتبرك وتلقي العلم، ومنهم من جاءها للإهلال بالحج والإحرام قبل التوجه لمكة المكرمة. وكهذا، أخذ العنصر الإسلامي ينمو وينتشر بسرعة وعاد إلى المدينة طابعها الإسلامي .
أولى الخلفاء الأمويون والعباسيون مدينة القدس اهتماماً كبيراً، وكان للمدينة منزلة وعناية خاصة. وشهدت الحركة العلمية في القدس ابتداءً من القرن الثاني الهجري انتعاشاً كبيراً تمثل في زيارة وإقامة عدد كبير من العلماء والأئمة من مختلف البلدان. كما شهدت المدينة نهضة طبية، وبرز فيها عدد من الأطباء المشهورين .
7- العصر الصليبي:
الخلافات بين السلاجقة والفاطميين وتنازعهم المستمر على بلاد الشام من جهة، والصراعات الداخلية بين سلاطين السلاجقة، وهم الذين كانوا يمسكون بمقدرات الخلافة العباسية آنئذ، سهل على الصليبين مهمتهم وأدى إلى نجاحهم في احتلال بيت المقدس وأقسام كبيرة من بلاد الشام. ففي سنة 492هـ/ 1099م، سقطت القدس بيد الصليبيين، وبذلك انتهت الفترة الأولى من تاريخها الإسلامي الذي دام نحو خمسمائة عام. وارتكب الغزاة في المدينة مجزرة رهيبة، وخصوصاً في منطقة الحرم الشريف حيث ذكرت الإحصاءات أن عدد ضحاياهم بلغ سبعين ألفاً، الأمر الذي يتناقض تناقضاً صارخاً مع تسامح عمر بن الخطاب والمسلمين فيما بعد. كما نهب الصليبيون ما كان في الصخرة والأقصى من كنوز وحولوا منطقة الحرم إلى كنائس ومساكن للفرسان وإسطبلات لخيولهم .
وهكذا، قامت في بيت المقدس مملكة لاتينية يتولى الحكم فيها ملك كاثوليكي، وأصبحت البطريركية الكاثوليكية تقوم على إقامة الشعائر الدينية للنصارى بدلاً من البطريركية الأرثوذكسية مما آذى شعور الطوائف المسيحية قاطبة وأثار استنكارها وعدم رضاها. ورغم ما أحدث الصليبيون، فإن المسلمون لم يسلموا بالهزيمة والقبول بالأمر الواقع، بل كانوا يتحينون الفرص لاسترجاع المدينة الذي شكل الهدف الأسمى عند القادة المخلصين الذين سعوا لتوحد الصفوف والنهوض بمهمة التصدي الجدي للصليبيين .
8- العصر الإسلامي الثاني:
سعى آل زنكي، عماد الدين ثم نور الدين، لتوحيد صفوف المسلمين وممالكهم وقتال الصليبيين في وقت واحد. واستطاع صلاح الدين الأيوبي أن يكمل ما بدأه ويسترد القدس من الصليبيين عام 1187 م بعد انتصار المسلمين في معركة حطين. ودخل صلاح الدين القدس صلحاً وسمح للصليبيين بمغادرتها بعد دفع جزية بسيطة، وسمح للمسيحيين الشرقيين بالبقاء في المدينة .
وفي خضم الانتصار الذي حققه المسلمون، أزال صلاح الدين الصليب عن قبة الصخرة ووضع فيها المصاحف وعين لها الأئمة، ووضع في المسجد الأقصى المنبر الذي أمر نور الدين بصنعه، ودشن إنشاءات إسلامية كثيرة بهدف تحصين المدينة كحفر خندق عميق وإنشاء سور وأبراج حربية من باب العمود إلى باب الخليل، كما اتخذ إجراءات متتالية لإسكان المسلمين بالقدس، وإنشاء مؤسسات مختلفة فيها، وهي إجراءات تبعه فيها خلفاءه من الأيوبيين .
ولكن ورثة صلاح الدين ارتكبوا بحق القدس – بعد كل ما عملوا من أجلها – خطيئتين كبيرتين: الأولى سنة 1219م، والثانية سنة 1129م. ففي الأولى أمر الملك العظيم عيسى ابن الملك العادل أبو بكر أخو صلاح الدين، متعللاً بالضرورات الاستراتيجية وبالعجز أمام الضغط الصليبي، بتخريب أسوار القدس وكثير من مبانيها خشية عدم القدرة على المحافظة على المدينة إثر احتلال الصليبيين لدمياط في السنة السابقة، وخوفاً من استحكام الصليبيين داخل أسوارها إن تمكنوا من احتلالها فيتعذر بالتالي إخراجهم منها. ومع أسوار القدس، خرب الجند الكثير من معالم المدينة وخرج كثير من سكانها متوجهين إلى الكرك ودمشق تاركين أموالهم وممتلكاتهم. وفي المرة الثانية، سلم الملك الكامل القدس – باستثناء منطقة الحرم – إلى الملك فردريك ملك صقلية، وظلت القدس بيد الصليبيين 11 سنة حيث عاد الملك الناصر داود واستردها. ولكنها عاد وسلمها للصليبيين بعد أربع سنوات مرة أخرى. وفي سنة 1244 م استرد الملك الصالح نجم الدين أيوب القدس نهائياً .
9- الاحتلال البريطاني:
سار التطور الذي شهدته القدس في القصر الأيوبي في خط متصاعد وثابت في عصر المماليك الذي دام نحو 260 سنة، وقد حظيت فيه المدينة بمظاهر التقدير بوصفها المدينة الثالثة في الإسلام، سواء في النهضة العمرانية أو في قيام المؤسسات الدينية والعلمية.ونالت القدس في عهد السلاطين العثمانيين الذي استمر أربعمائة عام (1556-1917) اهتماماً فائقاً. فقد أولوا الأماكن المقدسة كل العناية والرعاية، وسعوا في تعميرها وحماية الطرق المؤدية لها. فجددوا قبة الصخرة، وبنو سور القدس لحماية المدينة من العدوان الخارجي والغارات .
ومن المعروف أن الدولة العثمانية بلغت أوج قوتها في القرن السادس عشر، ثم بدأ الضعف يدب فيها مع نهاية ذلك القرن، وقد انعكست هذه الأوضاع على أقطار الدولة العثمانية عموماً، ومنها فلسطين والقدس. وظهر ذلك في عجز الدولة عن كبح النزاعات المسلحة بين أمراء الإقطاع، وسوء الإدارة، مما أثر بشكل كبير على الحركة الاقتصادية والعلمية والعمرانية في القدس ابتداءً من القرن السابع عشر الميلادي، وبلغ التدهور أوجه في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي حيث بدأ تأثير التغلغل الأجنبي في القدس والشعور بالخطر المتزايد يتهدد المدينة من الغربيين وفيهم الصهاينة، وسقطت القدس بأيدي الجيوش البريطانية في 8-9/12/1917، وكان البيان الذي أذاعه الجنرال اللنبي بداية المؤامرة والنكبة التي تعيشها القدس، حيث سارت حملات الاستيطان والتهويد في فلسطين بشكل عام، وفي القدس بشكل خاص بوتيرة متسارعه لتصبح على شكل هجمات استيطانية تستهدف إضفاء الطابع اليهودي على المدينة.
الأماكن المقدسة:
تحتل مدينة القدس مكانة عظيمة في نفوس المسلمين والمسيحيين واليهود على حد سواء. وترتكز هذه المكانة عند الأديان الثلاثة بأن عدداً كبيراً من الرسل والأنبياء قد عاشوا في القدس، أو كان لهم صلة بها بشكل من الأشكال. ومن هذه الصلات ما يعتبر حقائق تاريخية ومنها ما يبنى على القصص والروايات القديمة ولا يمكن إثباته بالأدلة التاريخية، ويكفي أن نشير إلى ما معروف عن صلة الأنبياء إبراهيم ويعقوب وإسحاق وعيسى ويحيى وزكريا وصالح عليهم السلام ببيت المقدس. وتذهب الروايات المتوارثة إلى أبعد من ذلك، فتربط بين القدس وبيت آدم ونوح وسام بن نوح. فقد قيل أن آدم – عليه السلام – دفن في مغارة بين القدس ومسجد إبراهيم، وقيل إن سفينة نوح سارت حتى بلغت بيت المقدس فوقفت ونطقت بإذن الله تعالى، وقالت: يا نوح هذا موضع بيت المقدس الذي يسكنه الأنبياء من ولدك. وقيل إن سام بن نوح هو الذي اختط القدس وبناها وكان ملكاً عليها، وكان يلقب ملكي صادق . وجاء في الأثر أن عبدالله بن عمر قال ((بيت المقدس بنته الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وعمرته، وما فيه موضع شبر إلا وقد سجد عليه ملك). وقال مقاتل بن سليمان ((ما فيه موضع شبر إلا وقد صلى عليه نبي مرسل أو قام عليه ملك مقرب)) .
تعتبر العقيدة الإسلامية الإيمان بالرسل والأنبياء وبالرسالات السماوية أصلاً من أصول العقيدة، إذ أن الدين الإسلامي جاء مصدقاً للرسالات السماوية السابقة التي حملها الرسل عليهم الصلاة والسلام. ففي أية (3، 4) من سورة آل عمران {نزل عليك الكتاب مصدقاً لما بين يديه، وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدىً للناس، وأنزل الفرقان}. وفي آية (13) من سورة الشورى {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك، وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه}، ومن هذا المنطلق، فإنه يمكن تحديد أهم الأماكن الإسلامية المقدسة على النحو التالي :
(I) المسجد الأقصى: وهو ثاني مسجد بناه إبراهيم عليه السلام بعد الكعبة المشرفة، كما ورد ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم. والأقصى تعنى الأبعد، والمراد بعده مكة بقرينة جعله نهاية الإسراء من المسجد الحرام .
(II) مسجد الصخرة : وله تاريخ عريق، فعنده اتخذ إبراهيم عليه السلام معبداً ومذبحاً. وهي التي أقام يعقوب عليه السلام عندها مسجده بعد أن رأي عموداً من النور فوقها، وهي التي نصب عليها يوشع عليه السلام قبة الزمان أو خيمة الاجتماع التي أنشأها موسى عليه السلام في التيه. وبنى داود عليه السلام عندها محرابه، فيما شيد سليمان عليه السلام عندها المعبد العظيم المنسوب إليه كما عرج الرسول صلى الله عليه وسلم من فوقها إلى السماء في ليلة الإسراء.
(ج) البراق: وهو الحائط الذي يحيط بحرم المسجد الأقصى من الناحية الغربية، ويعتبر جزءاً لا يتجزأ من الحرم الشريف. وسمي بهذا الاسم، لأنه المكان الذي ربط عنده الرسول صلى الله عليه وسلم براقه ليلة الإسراء والمعراج. ويسميه اليهود حائط المبكى، لاعتقادهم أنه من بقايا هيكلهم القديم الذي عمره هيرودوس سنة 18 ق.م، ودكه تيطس سنة 70 م. ولذلك، أخذوا يقدسونه وراحوا يزورنه .
وبالنسبة للمسيحيين، فإن كنيسة القيامة التي بنتها الملكة هيلانة سنة 335 ميلادية، في الموضع الذي اكتشف الرومان فيه صليباً قالوا إنه الذي صلب عليه المسيح تعد أهم مكان مقدس للديانة المسيحية في القدس. وإلى جانب حائط المبكى، فإن مكان هيكل سليمان عليه السلام يعد مكاناً مقدساً لليهود. وما يزال الصهاينة يبحثون عن مكان الهيكل على مرتفعات القدس، وبخاصة في حرم المسجد الأقصى .
أسماء القدس
تتجلى أحداث القدس التاريخية في الأسماء العديدة التي أطلقت على المدينة، فقد عمّر العرب الكنعانيون بيت المقدس قبل نحو 5000، ودعوها (أورسالم) نسبة إلى سالم أو شالم بمعنى السلام، وأور كلمة سومرية تعني مدينة. وقد انتقل هذا الاسم إلى الأمم القديمة عن طريق العرافيين حيث حرّف إلى (يروشالايم) عند اليهود، و(أوشامام) عند الفراعنة، و(هيروسوليما) عند اليونان والرومان، و(جروسالم) عند الغربيين .
وفي القرن الثاني عشر قبل الميلاد، أغار بنو إسرائيل على أرض كنعان. وحاربت القبيلة الكنعانية العربية التي استقرب منذ فجر تاريخها في مدينة القدس والجبال المحيطة بها، بني إسرائيل نحو مائتي سنة. وخلال تلك المدة، اشتهرت القدس باسم (مدينة يبوس)، وهو اسم أطلقه يوشع – قاد بني إسرائيل – نسبة لاسم زعيم القبيلة الكنعانية. وحين دخل اليهود المدينة سنة 997 قبل الميلاد بقيادة داود عليه السلام، أصبحت تعرف باسم (مدينة داود)، إذ أنه جعلها مقراً لحكمه .
ولكن اسم (مدينة داود) الذي أطلق على القدس لم يدم طويلاً، فقد أخذت (أورشليم) تحل محلها. وعلى الرغم من انتهاء النفوذ السياسي لليهود الذي لم يستمر أكثر من 73 سنة، إلا أن الفرس واليونان والرومان الذي تعاقبوا في السيطرة على المدينة استمروا في استخدام اسم (أورشليم)، وهو كما ذكرنا تحريف لاسمها العربي الكنعاني (أورسالم – أورشاليم) .
وفي عام 135 ميلادية، دمر الإمبراطور الروماني هدريان المدينة ومسحها وشتت أهلها، وغير اسمها إلى (إيليا كابيتولينا) ويقال معناها بيت الله – ومع أن الإمبراطور قسطنطنين أعاد للقدس اسمها القديم (أورشليم) سنة 324 ميلادية، إلا أن العرب ظلوا يعرفونها باسم (إيليا) حتى بعد الفتح الإسلامي. أصبحت تعرف باسم (القدس) و(بيت المقدس) و(القدس الشريف)، أي المكان المطهر من الذنوب، ويقال المنزه عن الشرك والمرتفع، وهي تسميات ثابتة في القرآن الكريم والسنة .
